ترجمة
الامام الشيخ مَحمد بن عبد الواحد النظيفي (1270/1366هـ
هو العالم السوسي أصلا المراكشي استقرارا ودارا التجاني
مشربا المالكي مذهبا، بحر العلوم النقلية والمعارف اللدني، ربى بهمته الخلق وصدع
بالحق، وأوذي في الله وتجلد.
النظيفي، مَحمد بن عبد الواحد بن حسن العالم الورع
والصوفي المربي والباحث في علوم القوم، ينتمي إلى قبيلة إذا أونظيف الواقعة
بالأطلس الصغير الأوسط.
ولد بفخذة آيت كين سنة 1270/ 1853. وما كاد يبلغ سن
التعليم حتى أدخله والده الكتاب عند الفقيه محمد بن علي الهوزالي، ثم عند الفقيه
محمد بن عبد الدائم بقرية تاملوت، وبعدما أتقن حفظ القرآن الكريم بقراءاته المتعددة
أرسله لطلب العلم بمدرسة آكادير الهنا عند الفقيه عبد الرحمان بن محمد من آل
الحسين، ثم تابع دراسته عند الشيخ أحمد بن موسى الطاطائي بمدرسة تاتلت حيث زاوية
اليعقوبيين الناصريين. فلازمه مدة أربع عشرة سنة. وارتحل معه إلى مدرسة إيماديدن.
وبعدما حصل العلوم التي تدرس بسوس قرر أن يتوجه إلى جهة
مراكش رغبة منه في المزيد من المعرفة. فحط رحاله عند الشيخ علي بن بوجمعة المسفيوي
بمدرسة أخليج بأوريكة فمكث عنده مدة، لمس أستاذه خلالها نجابته وسعة محصوله العلمي
وولعه بالقراءة. وهذه الخصال الحميدة ظاهرة مبكرة تميز بها عن أقرانه، وشهد الثقات
بها كما شهدوا باعتزاله اللهو واللعب.
ولعل فراسة شيخه المسفيوي جعلته ينصحه بالذهاب إلى فاس
لتعميق تكوينه بجامع القرويين. وفعلا لبى رغبته وحضر المجالس العلمية بهذه المدينة
التي أقام بها 14 شهرا.
بعدما قضى الطالب سيدي مَحمد النظيفي هذه الفترة الدراسية
بالقرويين، عاد لملاقاة شيخه بأوريكة فرأى فيه أستاذه القدرة على التدريس فكان
الأمر كذلك، فشارط في المدارس العتيقة بالبادية وملأها علما وتربية. وطالت إقامته
بمدرسة أكَركَور الواقعة على الضفة اليمنى لوادي نفيس في الشمال الغربي لهضبة كيك،
وهي إذ ذاك تحت سلطة القائد الطيب الكَندافي. فأقبل عليه طلبتها وملأ جهتها علما
وتربية، وتشاء الأقدار أن تشهد سنة 1309 تحولا في مساره الروحي وانتقاله من
الطريقة الناصرية التي كان عليها هو ووالده وأهله إلى التجانية على يد الشيخ سيدي
أحمد محمود الدرعي نسبا والمراكشي دارا والبحيرة بالرحامنة مدفنا.
ولما أحس أن الطيب الكَندافي عزم على توليته خطة القضاء
تملص من هذه الولاية وأظهر رغبته في زيارة ضريح مولاي إبراهيم مع أهله، فوجدها
فرصة للالتحاق بمراكش بتنسيق مع شيخه سيدي أحمد محمود ، فدخل هذه المدينة في شوال
عام 1317 واستقر بها. فذاع صيته بها. وعمت شهرته آفاق المغرب وخارجه بعطائاته
العلمية وتربيته الروحية للمريدين طيلة هذه الفترة الطويلة التي قضاها بالحمراء.
والجدير بالملاحظة أن سنة 1309 تؤرخ بداية تألقه وشهرته.
ففي هذه السنة أجازه الشيخ سيدي أحمد محمود في الطريقة التجانية حيث ورد في هذه
الإجازة قوله: "وليعلم الواقف عليه أنا أجزنا أخانا وصديقنا الفقيه النبيه
الأمجد السميدع الأريب الأسعد الفقيه البركة الحاج مَحمد بن عبد الواحد بن الحسن
النظيفي آمنه الله في أذكار هذه الطريقة اللازمة وغيرها تبعا لها أعني التجانية
الأحمدية…،" إلى أن يقول " فيجتنب بغاية جهده طريقة التفريط بمتابعة
الهوى بالترخيص والتساهل التي هي فساد وإضلال وخذلان…" وهذه الإجازة محررة في
5 شوال 1309 وأشار إلى سنده الصوفي في الدرة الخريدة.
وفي 21 صفر 1310 أجازه الشيخ سيدي الحسين بن أحمد
الإفراني علامة سوس المتوفى سنة 1328 في الطريقة التجانية بسندها وشروطها وأذكارها
وأورادها ووظيفتها المعلومة.
والإجازة الثالثة من العلامة محمد كَنون المتوفى سنة 1326
وهي مؤرخة ب14 ربيع النبوي سنة 1310 وتشمل التصوف والطريقة التجانية وصحيح البخاري
وموطأ الإمام مالك مع ذكر السند، وقد أشار إليها في منظومة تحتوي على 13 بيتا.
والإجازة الرابعة في الطريقة كذلك في شوال سنة 1311 من
طرف الشيخ العالم المربي عبد الله أكنسوس المتوفى عام 1317.
وأقبل الشيخ على هذه الطريقة باحثا ومؤلفا ومربيا فأسس
زاويته التجانية المشهورة باسمه سنة 1335 بباب فتوح لما ضاقت داره بالمريدين بعدما
غادر الزاوية التجانية المشهورة بالكنسوسية.
ووجدت هذه الكفاءة العلمية ومشيخة التدريس والتربية ما
يوازيها من الكتابة نثرا ونظما، أغلبها في الطريقة التجانية وفقهها. وتميزت
منهجيته باعتماد الشروح، ومخاطبة السالكين والمتعلمين حسب عقولهم. وقد أبان فيها
عن مقدرته العلمية والأدبية: النثرية والنظمية. واعتمد الأراجيز والمنظومات
التعليمية. وتتبع أحداث عصره.
توفي سنة 1366/1947 بمراكش، وتم دفنه بغرفة كان قد
اقتطعها من الزاوية وأوصى بأن يدفن فيها، فرثاه محبُّوبه من الأدباء، وما أكثر
القصائد التي قيلت في مدحه ورثائه وفي حله وترحاله. وأما الإشراف على تسيير
الزاوية فمازالت متداولة بين أبنائه.
Khadimul Janabin Nabawiy
H. Rizqi Zulqornain al-Batawiy
Tidak ada komentar:
Posting Komentar