تقريظ السيد العلامة محمد يحيى عبد النعيم آل طايع الخطيب الحسينى الكتانى
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على سيدنا ومولانا أحمد المنبسط عليه أنوار
شعشعانية الذات المسدلة عليها سرادقات "بسم الله الرحمن الرحيم"، الساجد
لله سجدة الشكر فى بساط تجلى "الحمد لله رب العالمين"، المنعوت
بالرحيمية فى محراب الرحمانية المتدفقة عليه أنوار فيوضات قواميس "الرحمن
الرحيم"، صاحب الحوض والشفاعة والتبتل والضراعة، الكامل الجامع المجموع على
"مالك يوم الدين "، الذى أدخلته حضرات قدسك العلية، وأنزلته منازل
اصطفاءاتك السنية، ودثرته بدثار عظموتية الحقانية
،ورديته بأردية عزية العبودية، وأنطقت لسانه وهيئت حاله للتحقق ب
"إياك نعبد وإياك نستعين"، أسألك سيدى ومولاي وغاية رغبتى ومنتهى أملى
وثقتى ورجائى أن تهدينى اليه، وتجمعنى عليه وأن تجعلنى به ومنه وإليه، وأن تتقبل
منى "اهدنا الصراط المستقيم"، وأن تحشرنا يا مولانا مع الصالحين فى جوار
سيد المرسلين وأن تجعلنى على "صراط الذين أنعمت عليهم"، بمشاهدته
ومجالسته ومحادثته "غير المغضوب عليهم"، بالانحجاب عنه فى الحياة الدنيا
وفى الآخرة "ولا الضآلين"، ممن سلكوا غير نهجه واقتفوا غير أثره آمين يا
أكرم الأكرمين، يا الله يا رباه يا
غوثاه يا ناصراه، وصل عليه وتمم وآله
وصحبه وسلم .
(اما بعد): فقد أخرج الامام أبو نعيم
فى حلية الاولياء عن مسعود بن كدام عن عطية قال:لقيت عبد الله بن عمر فقلت يا ابا
عبد الرحمن هنيئا لك لقد لقيت رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم فقال له: وأنت لو كنت لقيته ماذا كنت
تفعل ؟ قلت: "كنت أومن به وأقبله بين عينيه: فقال عبد
الله بن بن عمر ألا ابشرك ؟ قلت بلى،
قال سمعت رسول الله صلى الله علبه وآله
وسلم يقول" من خالط حبى قلبه حرم الله جسده على النار"
وإن من أبرز
مظاهر محبته صلى الله عليه وآله وسلم عدم الغفلة عن الصلاة عليه والتهيام به ودوام
العكوف فى محراب متابعته الشريفة صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم استجابة لأمر الله تعالى فى قوله: "(إن الله
وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)"
ومتابعة واقتداء به سبحانه الذى سبقنا الى الصلاة
على
حبيبه صلوات الله عليه وعلى آله، ولذلك كانت
الصلاة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أفضل الأعمال وأبركها وأقربها الى القبول
.
وقد روى عن سيدنا على بن أبى طالب عليه السلام
انه قال: "لولا أن الله تعالى افترض على فرائض ما تقربت اليه الا بالصلاة على النبى
صلى الله عليه وآله وسلم" .
ولكل هذا وغيره
عكف سلفنا الطاهر على الاشتغال بالصلاة والسلام على مركز دائرة
الانوار فعقدوا لذلك المجالس وصنفوا في
مناقبها المصنفات، وكان من أول من صنف فى هذا الباب الإمام أبو
بكر أحمد بن عمرو بن أبى عاصم المتوفى 287، والإمام عمر بن أحمد المعروف بابن شاهين المتوفى 385، ثم
الحافظ ابن بشكوال المتوفى 578، ثم الحافظ ابن عساكر المتوفى 686، ثم ابن الفاكهانى المالكى المتوفى 734، فى كتابه الفجر المنير فى الصلاة على البشير النذير ثم ابن قيم الجوزية
المتوفى 751 فى جلاء الأفهام وهو مطبوع مشهور، والحافظ
السخاوى شمس الدين المتوفى922 فى القول البديع فى الصلاة على الحبيب الشفيع، وغيرهم من أهل العلم رضى الله عنهم حتى جاء رائد المتأخرين فى هذا الباب
والذى رشف من معين الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم حلو الرضاب حتى رفع له
الحجاب وكشف له النقاب وهو بوصيرى
عصره وحسان مصره الشيخ يوسف بن اسماعيل بن يوسف بن اسماعيل بن محمد بن ناصر الدين
النبهانى المتوفى
1350 فخدم الجناب النبوى ليس فى جانب
التصنيف فى فضل الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحسب بل
صنف فى جمع غرر الصلوات لكبار
العارفين مع التعليق عليها والشرح فى بعض المواضع فأتحف المسلمين عامة والمحبين
خاصة بمجموعة من المصنفات فى هذا الباب من أشهرها: "أفضل الصلوات على سيد السادات "و"سعادة الدارين فى
الصلاة على سيد الكونين "
وقد درس الشيخ
يوسف النبهانى فى الأزهر الشريف وتخرج بشيوخه الأكابر أعلام الهدى ونجوم الاهتدا
كالعلامة الشيخ ابراهيم السقا الشافعى المتوفى 1298 والشيخ محمد الدمنهورى الشافعى
المتوفى 1286 والشيخ حسن العدوى الحمزاوى المالكى المتوفى 1298 وغيرهم من رجالات
العلم والصلاح الذين لقيهم فى الأزهر الشريف الذى كان معنيا بالعلم مع التزكية
الروحية وتوثيق أواصر المحبة والاستغراق الكامل فى التعلق
بسيد الوجود صلوات الله عليه وعلى آله من خلال مجالس الصلاة على النبى صلى الله
عليه وآله وسلم التى كانت تقام بإزاء مجالس العلم
الشرعى منذ أن افتتحها العارف
بالله سيدى نور الدين على الشونى الشافعى المتوفى 944 شيخ مجالس الصلاة على النبى
صلى الله
عليه وآله وسلم فى مصر والشام والقدس ومكة
المكرمة فهو أول من عمل مجلس الصلاة على
النبى صلى
الله عليه وآله وسلم بمصر وكان يتردد الى الازهر للصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم فاجتمع
عليه خلق كثير
منهم الشيخ عبد الوهاب الشعرانى الذى أذن له
ان يقيم
الصلاة فى الجامع الغمرى ففعل ومنهم الشيخ
عبد القادر بن سوار الدمشقى الذى كان يتردد الى مصر للتجارة والطلب فلازم الشيخ
الشونى ورجع الى دمشق ليفتح المجالس فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وآله وسلم،
واستمر الحال الى يومنا هذا بفضل الله تعالى بالاسناد المتصل الى الشيوخ الأكابر
رضى الله تعالى عنهم .
ثم إن إنشاء
الصلوات على سيد السادات صلوات الله عليه وعلى آله بفضل الله تعالى لم ينقطع فللعارفين فى كل عصر ومصر وللمحبين فى كل زمان ومكان اشتغال
بإنشاء الصلوات مما يفتح الله تعالى به عليهم والتى تشتمل على حسن
الثناء على النبى
صلوات الله عليه وآله وسلم وذكر كمالاته
المحمدية وشئونه المصطفوية مما لو قامت الدنيا كلها بتدوينه ما نفد وكما يقول
قائلهم :
وعلى تفنن واصفيه بوصفه * يفنى
الزمان وفيه ما لم يوصف
ويقول آخر
ولو
أن كل العالمين تألفوا على * مدحه لم يبلغوا عشر واجبى
ورب
سكوت كان فيه بلاغة * ورب كلام فيه عتب لعاتب
وقد سررت للغاية بمطالعتى لكتاب: (ذخيرة المحتاج فى الصلوات على صاحب اللواء والتاج) جمع وترتيب
" الحاج رزقي ذوالقرنين بن أصمت البتاوي" والذى بذل فيه جهدا
مشكورا خدمة للجناب النبوى وإحياء لتراث
العارفين فى جانب الصلاة والتسليم على سيد الوجود صلوات الله عليه
وآله وسلم ومواصلة للجهد الكريم الذى بذله وما زال يبذله
أسلافه وأقرانه من الديار الاندونيسية (حفظها الله تعالى) فى خدمة الجناب الأجل
وجمع الناس على محبته والتعلق
بهديه، صلوات
الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
والله أسأل وبنبيه أتوسل ان يوفق مصنفه الى مراضيه وأن يتقبله فى الصالحين وأن يجعل هذا العمل
المبارك فى ميزان حسناته وينفع به المسلمين . آمين
.
وكتبه:حامدا
ومصليا ومسلما
الشيخ محمد
يحيى عبد النعيم آل طايع الخطيب الحسينى الكتانى طريقة الأزهرى
خادم العلم الشريف والمدرس
بالجامع الأزهر وأمين عام الجمعية العالمية لعلماء الصوفية
1شعبان الأبرك 1434 هجرية
Tidak ada komentar:
Posting Komentar