الفصل الأول
G في فضل
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وما في ذلك من الثواب S
تنشر من فضيلة الصلاة **
وحكمها المروي عن الثقات
وبعض ما له بها تشبث ** مما
لنا في فهمه تحنث
ولا شك بأنه صلى الله عليه
وسلم الواسطة العظمى لنا في كل نعمة، بل هو أصل الايجاد لكل مخلوق، كما قال ذو العزة
والجلال: لولاك لولاك لما خلقت الأفلاك .[2]
واعلم أنه جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله
عليه وسلم أحاديث كثيرة، يعجز القلم عن احصائها، وتضيق الكتب عن استقصائها، وانما
أذكر منها جملة موجزة :
·
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه
وسلم قَالَ: مَنْ صَلَّى عَلَىَّ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ عَشْرًا .[3]
وهذا من باب الزيادة في الأجر لعظيم فضل الصلاة، لان
الله لم يجعل جزاء ذكر نبيه الا ذكره لمن ذكره، وذكر الله العبد أجل وأعظم وفضله
أشمل وأتم . فان هذه مكافأة من رب العزة سبحانه مستلزم للثواب الأكثر والفوز
الأكبر .
قال ابن العربي رحمه : إن قيل قال الله تعالى: "من
جاء بالحسنة فله عشر أمثالها" فما فائدة هذا الحديث؟ قلنا أعظم فائدة وذلك أن
القرآن اقتضى أن من جاء بحسنة تضاعف عشرة، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
حسنة فمقتضى القرآن أن يُعطى عشر درجات في الجنة، فأخبر أن الله تعالى يصلي على من
صلى على رسوله عشرا وذكر الله للعبد أعظم من الحسنة مضاعفة، قال: "ويحقق ذلك
أن الله تعالى لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره وكذلك جعل جزاء ذكر لمن ذكره .[4]
·
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وسلم: لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَلاَ تَجْعَلُوا قَبْرِى عِيدًا وَصَلُّوا
عَلَىَّ فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِى حَيْثُ كُنْتُمْ .[5]
·
عن عَبْد اللَّهِ بن مسعود قال قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي
مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ .[6]
قال الشيخ محمد بن علي الشوكاني: وفي هذا الحديث الترغيب
العظيم للاستكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فانه اذا كانت صلاة
واحدة من صلاة من صلى عليه تبلغه كان ذلك منشطا له أعزم تنشيط .[7]
·
عن أبي هريرة قال قال رسول الله: من صلى علي في كتاب لم تزل
الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب .[8]
·
عن أوس بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من
أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق الله آدم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فأكثروا
علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي . قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت
؟ فقال: إن الله جل وعلا حرم على الأرض أن تأكل أجسامنا .[9]
أن كل صلاة وسلام تبلغه صلى الله عليه وسلم وسواء كان في
يوم الجمعة او في غيره من الأيام والليالي: فلعل في العرض عليه زيادة على مجرد
الإبلاغ اليه ويكون ذلك من خصائص الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة .[10]
·
عَنْ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ أَصْبَحَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى فِي وَجْهِهِ
الْبِشْرُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصْبَحْتَ الْيَوْمَ طَيِّبَ النَّفْسِ يُرَى
فِي وَجْهِكَ الْبِشْرُ قَالَ أَجَلْ، أَتَانِي آتٍ مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ
مَنْ صَلَّى عَلَيْكَ مِنْ أُمَّتِكَ صَلَاةً كَتَبَ اللَّهُ لَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ
وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئَاتٍ وَرَفَعَ لَهُ عَشْرَ دَرَجَاتٍ وَرَدَّ عَلَيْهِ
مِثْلَهَا .[11]
قال الشيخ محمد الشوكاني: والمراد بالصلاة من الله
الرحمة لعباده وانه يرحمهم رحمة بعد رحمة حتى تبلغ رحمته ذلك العدد، وقيل المراد
بصلاته عليهم إقباله بعطفه وإخراجهم من حال ظلمة الى رفعة ونور، كما قال سبحانه:
هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور .[12]
·
عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أقربكم منى يوم
القيامة فى كل موطن أكثركم علىَّ صلاةً فى الدنيا من صلى على فى يوم الجمعة وليلة الجمعة
قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا ثم يوكل الله
بذلك ملكا يدخله فى قبرى كما تدخل عليكم الهدايا يخبرنى من صلى على باسمه ونسبه إلى
عشيرته فأثبته عندى فى صحيفة بيضاء .[13]
· عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَىَّ إِلاَّ رَدَّ
اللَّهُ عَلَىَّ رُوحِى حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمَ .[14]
والمراد
برد الروح النطق لانه صلى الله عليه وسلم حي في قبره وروحه لا تفارقه كذا قال ابن
الملقن وغيره . وقال ابن حجر الأحسن أن يؤول رد الروح بحصول الفكر كما قالوه في
خبر "يغان على قلبي" . قال الطيبي معناه أنها تكون روحه القدسية في
الحضرة الالهية فان بلغه السلام من أحد من الأمة رد الله روحه في تلك الحالة الى
رد سلام من يسلم عليه، وفي المقام أجوبة كثيرة . وهذا الذي ذكرنا أحسنها،
والإقتصار في الحديث على السلام لا يدل على ان الصلاة ليست كذلك .[15]
· عن أنس بن
مالك قال: قال صلى الله عليه وسلم: مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى
الله عَلَيْهِ عَشْراً وَمَنْ صَلَّى عَلَيَّ عَشْراً صَلَّى الله مِائَةً وَمَنْ
صَلَّى عَلَيَّ مِائَةً كَتَبَ الله لَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ بَرَاءَةً مِنَ
النِّفَاقِ وَبَرَاءَةً مِنَ النًارِ وَأَسْكَنَهُ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ
الشُّهَدَاءِ .[16]
· عَنِ ابْنِ مُرَيْحٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ
بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ مَنْ صَلَّى عَلَى
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَمَلَائِكَتُهُ
سَبْعِينَ صَلَاةً .[17]
·
عن عمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله ملكا
أعطاه أسماع الخلائق كلها وهو قائم على قبرى إذا مت إلى يوم القيامة فليس أحد من أمتى
يصلى علىَّ صلاةً إلا سماه باسمه واسم أبيه قال يا محمد صلى فلان عليك كذا وكذا فيصلى
الرب على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا .[18]
· عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى على فى يوم مائة مرة قضى الله له مائة حاجة
سبعين منها لآخرته وثلاثين منها لدنياه .[19]
· عن انس قال
كان صلى الله عليه وسلم يقول: مَنْ صَلَّى عَلَيَّ فِي يَوْمٍ
أَلْفَ مَرَّةٍ لَمْ يَمْتُ حَتَّى يبشر بالْجَنَّةِ .[20]
· عن ابي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى علي يوم الجمعة مائتي صلاة غفر له ذنب مائتي
عام
.[21]
توسلوا بالصلاة على النبي الرفيع والحبيب الشفيق
يغفر لكم مولاكم ما عملتم من الآثام ويدخلكم برحمته دار الخلد والسلام . توسلوا بالصلاة
على النبي المختار يكن شفيعكم من عذاب دار البوار وينجيكم مولاكم من سموم النار ويدخلكم
برحمته جنات تجري من تحتها الأنهار . توسلوا بالصلاة على النبي الصادق الأواب ينجيكم
مولاكم من أليم العذاب ويدخلكم الجنة وحسن المآب توسلوا بالصلاة على النبي الرشيد ينجيكم
مولاكم من العذاب الشديد ويدخلكم برحمته النعيم الذي لا يبيد . توسلوا بالصلاة على
النبي البر الرؤوف الرحيم يدخلكم مولاكم جنات النعيم وينجيكم برحمته من سموم الجحيم
.
· عن أبي كاهل قال : قال لي رسول الله صلى
الله عليه و سلم :يَا أَبَا كَاهِلٍ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ
وَكُلَّ لَيْلَىٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ حُبَّاً لِي وَشَوْقاً إِلَيَّ كَانَ حَقَّاً
عَلَى الله أَنْ يَغْفِرَ لَهُ ذُنُوبَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَذَلِكَ الْيَوْمَ .[22]
· وَعَنْ أُبَيِّ
بْنِ كَعْبٍ عَنْ
أَبِيْهِ قَالَ: كَانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: يَا أيُّهَا النَّاسُ
اذْكُرُوا اللهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ
بِمَا فِيهِ . فَقَالَ أُبَيُّ بْنُ
كَعْبٍ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ مَا شِئْتَ. قَالَ: قُلْتُ
الرُّبْعَ؟ قَالَ: مَا شِئْتَ،
وَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ . قَالَ: قُلْتُ النِّصْفَ؟ قال: مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ. قَالَ: قُلْتُ الثُّلْثَيْنِ؟ قَالَ: ما شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ
خَيْرٌ لَكَ . قُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ فَأَجْعَلُ صَلاَتِي كُلَّهَا لَكَ؟ إِذاً تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ .[23]
في قوله: "تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ
ذَنْبُكَ" وفي هذين الخصلتين جماع خير الدنيا والاخرة . فان من كفاه
الله همه سلم من محن الدنيا وعوارضها، لان كل محنة لا بد لها من ثأثير الهم، وان
كانت يسيرة، ومن غفـر الله ذنبه سلم من محن الأخرة لانه لا يوبق العبد فيها الا
ذنوبه .[24]
· عن عمر بن الخطاب قال: إن
الدعاء موقوف بين السماء والأرض ولا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه
وسلم
.[25]
يا أحبائي والله إذا صعد الدعاء ارتفع البلاء ورضي
الإله الأرض والسماء .
·
عن أبي بكر قال: "كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءه
رجل فسلم فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وأطلق وجهه وأجلسه إلى جنبه، فلما قضى
الرجل حاجته، نهض فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أبا بكر هذا رجل يرفع له
كل يوم كعمل أهل الأرض" قلت: ولم ذاك؟ قال، "إنه كلما أصبح صلى علي عشر مرات
كصلاة الخلق أجمع"، قلت وما ذاك؟ قال: "يقول اللهم صلى على محمد النبي عدد
من صلى عليه من خلقك، وصل على محمد النبي كما ينبغي لنا أن نصلي عليه وصل على محمد
النبي كما أمرتنا أن نصلي عليه .[26]
·
وفي رواية عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "ان الله عز وجل أعطاني ما لم يعط غيري من الانبياء،
وفضلني عليهم وجعل لامتي في الصلاة علي أفضل الدرجات، ووكل بقبري ملكا يقال له:
منطروس، رأسه تحت العرش، ورجلاه في تخوم الأرضين السابعة السفلى، وله ثمانون ألف
جناح، في كل جناح ثمانون ألف ريشة، تحت كل ريشة ثمانون ألف زغبة، تحت كل زغبة لسان
يسبح الله عز وجل ويحمده، ويستغفر لمن يصلي علي من أمتي، ومن لدن رأسه الى بطون
قدميه أفواه وألسن وريش وزغب، ليس فيه موضع شبر الا وفيه لسان يسبح الله عز وجل،
ويستغفر لمن يصلي على من أمتي حتى يموت .[27]
فتأمل
شرف هذه العبادة، وعظم تميزها على غيرها بأضعاف مضاعفة، لعل ذالك يحملنا على
الاكثار منها لنفوز بخيري الدنيا والأخرة .
قال الشيخ يوسف النبهاني نقلا عن صاحب شرح
الاحياء: وإنما تضاعف الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لأن الصلاة عليه ليست حسنة
واحدة بل حسنات، إذا فيها تجديد الإيمان بالله أولا ثم بالرسول، ثانيا ثم بتعظيمه،
ثالثا ثم بالعناية بطلب الكرامة له، رابعا ثم تجديد الإيمان باليوم الآخر وأنواع
كرامات، خامسا ثم بذكر آله، سادسا وعند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة ثم بتعظيم آله
بنسبتهم إليه، سابعا ثم بإظهار المودة لهم، ثامنا ولم يسأل صلى الله عليه وسلم من
أمته إلا المودة في القربى ثم الابتهال والتضرع في الدعاء، تاسعا والدعاء مخ
العبادة ثم بالاعتراف، عاشرا بأن الأمر كله لله وأن النبي صلى الله عليه وسلم وإن
جل قدره فهو محتاج إلى رحمة الله عز وجل فهذه عشر حسنات سوى ما ورد الشرع به من أن
الحسنة الواحدة بعشر أمثالها وأن السيئة بمثلها فقط . انتهى
قلت وقوله ثم بذكر الله سادسا بل هي أي الصلاة
على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل أنواع ذكر الله تعالى لما تقدم ولقول سيدي
أحمد بن عطاء الله السكندري في أول كتابه (مفتاح الفلاح في ذكر الله الكريم
الفتاح) ومنه أي الذكر ما هو ذكر فيه دعاء مثل: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا الآية، وكذلك اللهم صل على سيدنا محمد وهو أشد تأثيرا في قلب المبتدي من
الذكر الذي لا يتضمن المناجاة لأن المناجي يشعر قلبه قرب من يناجي وهو مما يؤثر في
قلبه ويكسبه الخشية . انتهى
ونقله عنه مستشهدا به على أن الذكر الذي يتضمن
مناجاة أبلغ نفعا سيدي العارف بالله السيد مصطفى البكري في كتابه المنهل العذب السائغ لوارده في ذكر صلوات
الطريق وأوراده .
وقال في الدر المنضود: ( تنبيه) من تفضل الله
تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم أن حباه بأنه كما قرن ذكره بذكره في الشهادتين
وفي جعل طاعته طاعته ومحبته محبته كذلك قرن ثواب الصلاة عليه بذكره تعالى فكما أنه
قال: قاذكروني أذكركم، وقال: إذا ذكرني عبدي في نفسه ذكرته في نفسي وإذا ذكرني في
ملأ ذكرتهفي ملأ خير منه، كما ثبت في الصحيح كذلك فعل سبحانه وتعالى في حق نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم بأن قابل صلاة العبد عليه بأن يصلي عليه سبحانه عشرا
وكذلك إذا سلم سلم عليه عشرا وبهذا علم الجواب عما يقال كل حسنة بعشر أمثالها
بالنص فما ميزة
الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم؟ وإيضاحه أن لها ميزة وهي أن يجبره بعشر درجات
من الجنة وهي بصلاة الله تعالى عشرا وذكر الله تعالى للعبد مرة أعظم من حسنة
مضاعفة على أنه تعالى لم يقتصر على ذلك بل ضم إليه رفع عشر درجات وحط عشر سيئات
وكتابة عشر حسنات وكونها له كعتق عشر رقاب فتأمل شرف هذه العبادة وعظم تميزها على
غيرها بأضعاف مضاعفة لعل ذلك يحملك على الإكثار منها لتفوز بخيري الدنيا والآخرة. [28]
قال الشيخ عبد العزيز الزمزمى صاحب منظومة التفسير:
الصلاة علي سيد السادات من اهم المهمات فى جميع الاوقات لمن يريد القرب من رب
الارضين والسموات . وإنها تجلب الاسرار والفتوحات. وتصفى البواطن من جميع الكدورات
. وإنها تتاكد فى حق اهل البداية وأرباب الإرادات وأصحاب النهايات . ويستوى في
الإحتياج إليها الطالب والسالك والمريد المقارب، فالطالب تربيه والعارف تبقيه بعد
ما تفنيه وإن شئت قلت الطالب تعينه على السلوك والمريد ترفعه عن الشكوك والعارف
تقول له ها انت وربك، وإن شئت قلت: الطالب تزيده قوة والمريد تكسبه الفتوة والعارف
تمسكه فى مقام الهيبة، وإن شئت قلت الطالب تحمله والمريد تكمله والعارف تلونه، وإن
شئت قلت: الطالب تحبب إليه الأعمال والمريد تكسبه الاحوال والعارف تثبته فى مقامات
الرجال، وإن شئت قلت: الطالب تكسبه إستنارة والمريد تمده بالعبارة والعارف تغنيه
عن الإشارة . وإن شئت قلت: الطلب يقوى بها إيقانه والمريد يكثر منها إيمانه
والعارف يزداد منها عيانه . وإن شئت قلت: الطالب تثبته والمريد تزينه والعارف
تعينه . وإن شئت قلت: الطالب تكسبه الإطراق والمريد تفيض عليه الإشراق والعارف
تؤيده عند التلاق. وإن شئت
قلت: الطالب تزداد منها انواره والمريد تفيض منها أسراره والعارف يستوى لربه ليله
ونهاره . وإن شئت قلت: الطالب تحبب إليه الأعمال والمريد تصحح لديه
الأحوال والعارف تؤيده عند الوصال . وإن شئت قلت: الطالب تزيده تشوقا والمريد
تطربه تملقا والعارف يستمد منها تحققا . وإن شئت قلت: الطالب تكسبه النشاط والمريد
تحميه من الإنحطاط والعارف يتأدب بها على البساط . وإن شئت قلت: الطالب تكسبه الأنوار والمريد
تكشف له الأستار والعارف تلزمه الضطرار ولا يكون له مع الغيرقرار . وإن شئت قلت:
الطالب تشوقه بالمنامات والمريد تحققه بالكرامات والعارف تحوله فى المقامات . وإن
شئت قلت: الطالب تؤيده بالثبوت والمريد تطلعه على غيب الملكوت والعارف تهيمه
بالجبروت وإن شئت قلت: الطالب تشوقه إلي اللقا والمريد تدعوه للملتقى والعارف
تزيده تحققا .[29]
وهكذا الحال السعيدة الحميدة بذكر الصلوات على
سيد السادات، وابتهجت القلوب لتلك البشارة العظيمة التي فيها سبل السلامة والامان
وموجبات الغفران والرضوان والكرامة .
وبالجملة فالصلاة على النبي المصطفى صلى الله
عليه وسلم من أسنى الذخائر، وأفضل الأعمال المقربة الى الله دنيا وأخرى، وفضلها
أظهر أن يذكر، وأكثر من أن يسطر . وغرضنا التبرك بما يشير الى طرف من ذلك على أنه
مما لا يقدر قدره ولا ينال الا بالتخصيص الإلهي الذي اقتضاه انبساط جاهه العظيم
صلى الله عليه وسلم، والا فمن أين للعبد الذليل الحقير أن يصلي عليه ربه عز وجل
وملائكته لولا انبساط جاهه العظيم صلى الله عليه وسلم .
فيا أيها الراجون منه
شفاعة * صلوا عليه وسلموا تسليما
ويا أيها المشتاقون الى
رؤيا جماله * صلوا عليه وسلموا تسليما
ويا من يخطب وصاله يقظة
ومناما * صلوا عليه وسلموا تسليما
d / f
[1] )
منظومة روضة النسرين في أحكام وفضائل الصلاة على النبي الأمين للشيخ عبد الله بن
ابراهيم الشنقيطي .
[2] ) قال الشيخ اسماعيل بن
محمد العجلوني : لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك ، قال الصغاني موضوع . وأقول لكن
معناه صحيح وإن لم يكن حديثا . انظر : كشف الخفاء ومزيل الالتباس رقم : 2123 .
[18] ) كنز العمل رقم: 2227 .
واسم الملك الذي يبلغ الصلاة يقال له: منطروس، رأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم
الأرضين السابعة السفلى، وله ثمانون ألف جناح، في كل جناح ثمانون ألف ريشة، تحت كل
ريشة ثمانون ألف زغبة، تحت كل زغبة لسان يسبح الله عز وجل يحمده، وسيتغفر لمن يصلي
على النبي صلى الله عليه وسلم من لدن رأسه الى بطون قدميه أفواه وألسن وريش وزغب،
وليس فيه موضع شبر الا وفيه لسان يسبح الله عز وجل ويستغفر الله لم يصلي على النبي
صلى الله عليه وسلم من أمته حتى يموت .
ذخيرة
المحتاج
في
الصلوات على صاحب اللواء والتاج
دراسة في صيغ الصلوات التي وردت عن أقطاب
الأولياء مقرونة بأسانيدها المتصلة الى صاحبها
جمع وترتيب
الحاج رزقي ذوالقرنين بن أصمت البتاوي
الراجي الى رحمة
ربه العزيز القوي
غفر الله له ولوالديه عن المساوي
أمين
Tidak ada komentar:
Posting Komentar