إذا كان عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة؛ فبالأحرى النبي
صلى الله عليه وسلم
ومن
فوائد كتاب "مطالع السعادة في اقتران كلمتي الشهادة"؛ للإمام العارف
بالله أبي الجمال محمد الطاهر بن الحسن بن عمر الكتاني الحسني رضي الله عنه ورحمه:
[إذا كان عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة؛ فبالأحرى النبي صلى الله عليه وسلم]
[إذا كان عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة؛ فبالأحرى النبي صلى الله عليه وسلم]
إذا كان عند ذكر الصالحين تتنزل الرحمة كما قاله سفيان بن عيينة، حسبما نقله عنه المواق أول كتابه "سنن المهتدين"، وعياض صدر "المدارك"، والتادلي في "التشوف"، وابن عسكر في "الدوحة"، وصاحب "الروضة"، و"الابتهاج"...وغيرهم، بل ورد مرفوعاً؛ أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث معاذ بن جبل بلفظ: "ذكر الأنبياء من العبادة، وذكر الصالحين كفارةٌ للذنوب". أورده الحافظ الأسيوطي في "جمع الجوامع".
فما بالك بذكر سيدهم وممدِّهم؟، وما ظنك بما ينزل عند ذكر قُدوتهم ونقطة دائرتهم من الرحمات والخيرات، وتزايد الإمدادات والبركات؟، كيف ومنه تكوّنت الرحمة، وهو عينها صلى الله عليه وسلم؟!. ونقل الحافظ السخاوي في "غنية اللبيب" عن ابن الصلاح أنه: "من أقرب الوجوه في إصلاح النية في الحديث: ما رويناه عن أبي عمرو بن نجيد أنه: سأل أبا جعفر بن حمدان - وكانا من الصالحين - بأي نيةٍ أكتب الحديث؟. فقال: ألستم تروون أن: عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟. قال: نعم. قال: فرسول الله صلى الله عليه وسلم رأس الصالحين". اهـ.
لكن نص الحافظان العراقي وتلميذه ابن حجر العسقلاني - كما نقله عنهما السيد السمهودي في "الغمّاز" - على أن هذا الحديث لا أصل له. يعنيان: في المرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو كلام سفيان بن عيينة كما مر. وروي مثله عن سفيان الثوري؛ نقله عنه ابن عسكر في "الدوحة"، وعن معروف الكرخي؛ نقله عنه الشعراني في "الطبقات". ويرحم الله القائل:
أسرد حديث الصالحين وسمِّهم فبذكـــــــــــرهم تتنزّل الرحمــــــــات
واذكر فضـــــائلهم؛ تنل بركاتهم وقبورَهم زرهــــــــــــا إذا مــا ماتوا
قال العلماء رضي الله عنهم: "وإنما كانت الرحمة تنزل عند ذكر الصالحين؛ لأنهم عبيد الله تعالى القائمون بأمره ونهيه، الدالون عليه، فالمقصود من تعظيمهم: تعظيم الله، ومن الثناء عليهم: الثناء على الله تعالى، ومِن ذكر أحوالهم: التعرف إلى الله تعالى. فالمراد من ذكرهم: ذكر الله عز وجل؛ فألحقوا به، وحكم لهم بحكمه من نزول الرحمة والسكينة عنده". أنظر شرح العلامة ابن زكْرى لهمزيته.
قلت: وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في فضل الذاكرين: "هم القوم لا يشقى بهم جليسهم". ولا شك أنهم إنما نالوا ذلك بمدده الساري فيهم. وطالما ذكر العلماء من الأسرار العجيبة، والخواص الغريبة، لذكر أسماء ساداتنا أهل بدرٍ رضي الله عنهم، ومداومة تلاوتها مما لا يعد، وأن كثيراً من الأولياء أعطوا الولاية ببركة أسمائهم، وأن الرحمة والبركة والمغفرة والرضوان تحيط بالعبد إذا ذكرهم، وأن الدعاء عند ذكرهم مستجاب، والتوسل بهم في جميع المهمات أنجح للإجابة...وغير ذلك.
وهو صلى الله عليه وسلم إمام أهل بدرٍ وقدوتهم، ورئيسهم ومتبوعهم، وما نالوا ذلك إلا ببذلهم نفوسهم ومهجهم في طاعته ومرضاته، ومقاتلة أعدائه. وإذا رتب هذا الفضل الكبير في ذكر أسماء الخدَمة؛ فلعَمري ماذا يرتّب من الفضائل على ذكر اسم السيد المخدوم، الذي هو سند الكل وقدوة الجميع صلى الله عليه وسلم؟!.
وقد قال الإمام الرصّاع: "ذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم رحمة، والصلاة عليه نعمة، فإذا ذكر وصلي عليه؛ أحاطت الرحمة بالمصلي، ومن أحاطت به الرحمة؛ كيف لا تجاب له الدعوة؟. وإذا كان الدعاء مقبولاً عند ذكر كثير من الصالحين؛ فكيف بذكر سيد العارفين الذي أرسله الله رحمةً للعالمين؟. فذكره نعمةً، والصلاة عليه رحمةٌ يرحم الله تعالى بها عبده ويجيب طلبه". اهـ.
وقال في "مطالع المسرات" ما نصه: "قال الشيخ أبو جعفر ابن وداعة رحمه الله: روي عن بعض الصحابة رضي الله تعالى عنهم أنه قال: ما من موضع يُذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أو يصلّى عليه فيه؛ إلا قامت منه رائحةً تخرق السماوات السبع حتى تنتهي إلى العرش، يجد ريحها كل من خلق الله في الأرض إلا الإنس والجن؛ فإنهم لو وجدوا ريحها لشغل كل واحدٍ منهم بلذتها عن معيشته، ولا يجد تلك الرائحة ملك ولا خلقٌ من خلق الله تعالى إلا استغفر لأهل المجلس، ويكتب لهم بعددهم كلهم حسنات، ويرفع لهم بعددهم درجات، سواءٌ كان في المجلس واحد أو مائة ألف، يأخذ من الأجر هذا العدد، وما عند الله خيرٌ وأجزل".
ثم قال ابن وداعة: "وإذا أردت أن تعرف حقيقة هذا القول؛ فانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ما جلس قومٌ مجلساً ثم تفرقوا على غير الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ إلا تفرقوا على أنتن من ريح الجيفة!. يظهر لك أن المجالس التي يُذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو يصلّى فيها عليه توجد فيها روائح عطرية، وتنموا منها نوافح مسكية".
"ولما كان هو صلى الله عليه وسلم أطيب الطيبين، وأطهر الطاهرين، وكان من خصائصه الشريفة التي عُجلت له من صفات أهل الجنة: أنه لا يمر بموضع ولا يجلس فيه، ولا يمس بيده ولا بجارحةٍ من جوارحه الطاهرة شيئاً إلا ويبقي فيه رائحةً كرائحة المسك، حتى لقد كان أصحابه يعرفون الطريق التي يمر عليها صلى الله عليه وسلم بذلك؛ أبقى الله تعالى هذه الكرامة، فكان صلى الله عليه وسلم إذا ذُكر في موضع وصلي عليه فيه؛ طاب ذلك الموضع بذكره، ونمت منه روائح طيبة. فصلى الله عليه وعلى آله صلاةً تطيّب مجالسَ الذكر، ويُغفر بها عظيم الوزر". اهـ بلفظه.
انتهى النقل المبارك، رضي الله عن صاحبه وأرضاه.
اللهم صل
على سيدنا محمد شمس الله المشرقة الساطعة النيرة و قطب فلك دائرة الوجود الزاهية
الزاهرة ومشكاة الانوار الصافية الباهرة رحمة الدنيا وسعادة الآخرة.
Khadimul Janabin Nabawiy
H. Rizqi Zulqornain al-Batawiy
4 komentar:
شكرا جزيلا على هذه الرسالة المفيدة
جزاك الله خيرا
Mendoakan zikir ,tahlil,dan shadaqah KPD para nabi,dan Auliya Allah SWT
نستفيد ، بارك الله فيكم
Posting Komentar