في أن آية {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} قسم به صلى الله عليه وسلم
هذه فوائد في كمالات النبي صلى الله
عليه وسلم، أنقلها تباعا بمناسبة شهر المولد النبوي الكريم، من الكتاب العظيم:
"مطالع السعادة في اقتران كلمتي الشهادة"؛ للإمام المحدث الحافظ المحقق
اللافظ؛ أبي الجمال محمد الطاهر بن الحسن الكتاني رحمه الله تعالى، وهو كتاب مطبوع
بتحقيقنا بدار الكتب العلمية ببيروت، وبه من التحقيقات والتحريرات العلمية ما لا
يكاد يوجد في غيره، قال رحمه الله تعالى:
تنبيه: [في أن آية: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} قسم به صلى الله عليه وسلم]:
ما تقدم من أن الآية قسم من الله تعالى بنبيه ؛ حكى القاضي عياض في "الشفا" اتفاق المفسرين عليه، قال: "ومعناه: وبقائك يا محمد، وقيل: وعيشك، وقيل: وحياتك، قال ابن عباس: ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره". اهـ.
وسبقه إلى ذلك شيخه القاضي أبو بكر بن العربي المعافري في "الأحكام"؛ فقال عند ذكر الآية الكريمة ما نصه: "قال المفسرون بأجمعهم: أقسم الله هاهنا بحياة محمد e تشريفاً له". ثم ذكر قول ابن عباس المذكور، ثم قال: "وهذا كلام صحيح، ولا أدري ما الذي أخرجهم من ذكر لوط إلى ذكر محمد؟، وما الذي يمنع أن يقسم الله بحياة لوط ويبلغ به من التشريف ما شاء؟، فكل ما يعطي الله للوط من فضل ويؤتيه من شرف فلمحمد ضعفاه؛ لأنه أكرم على الله منه. أولا ترى قد أعطى لإبراهيم الخلة، ولموسى التكليم، وأعطي ذلك لمحمد؟، فإذا أقسم الله بحياة لوط؛ فحياة محمد أرفع، ولا يخرج من كلام إلى كلام آخر غيره لم يجر له ذكر لغير ضرورة". اهـ منه بلفظه.
وقال في "المواهب": "اختلف في المخاطَب في الآية على قولين:
"أحدهما: أن الملائكة قالوا للوط لما وعظ قوله: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون. أي: يتحيرون، فكيف يعقلون ويلتفتون إلى نصيحتك؟".
"الثاني: أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عز وجل أقسم بحياته". اهـ.
قلت: الأول - وإن حكاه في "الكشاف" وتبعه ابن جزي - فهو مرجوح، كما قال بعضهم بأن خطابات القرآن عند الإطلاق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه يجاب عن قول ابن العربي، ولا يخرج من كلام إلى كلام آخر لم يجر له ذكر لغير ضرورة، فإن المخاطب بهذه القصة وغيرها من جميع القرآن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعاً، فإذا وجه بالخطاب أثناء القصص المنزلة عليه؛ فلا يقال: إن ذلك خروج من كلام إلى كلام آخر لغير ضرورة. فتأمله. وأيضاً؛ القول الأول إنما يأتي على إضمار القول، والأصل عدمه.
ويترجح الثاني بروايته عن ابن عباس؛ أخرجه عنه الحافظ أبو نعيم بسنده في كتابه "دلائل النبوة"، وكذا أخرجه أبو يعلى، وابن مردوية، والبيهقي، وابن عساكر، وأخرجه ابن مردوية - أيضاً - عن أبي هريرة مرفوعاً. ولعله لم يصح عند ابن العربي، ولذلك حكاه بصيغة التمريض، وإلا؛ فهو نص في محل النزاع؛ لأنه ترجمان القرآن.
ويترجح الثاني أيضاً: بكون جل المفسرين لم يذكروا مقابله ولا عرجوا عليه، ولذا حكى في "الشفا" اتفاقهم، وفي "الأحكام" إجماعهم.
وممن مشى على أنه قسم من الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم ولم يعرج على خلافه: سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام؛ فإنه قال في رسالته "بداية السول في تفضيل الرسول" عند ذكره لوجوه تفضيله صلى الله عليه وسلم ما نصه: "ومنها: أن الله تعالى أقسم بحياته e في قوله تعالى: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}. [الحجر/ 72]، والإقسام بحياته يدل على شرف حياته وعزتها عند المقسِم بها، وإن حياته صلى الله عليه وسلم لجديرة أن يقسم بها؛ لما كان فيها من البركة العامة والخاصة، ولم يثبت هذا لغيره". اهـ، نقله في "جواهر البحار".
وقال في "روح البيان" نقلا عن "التأويلات النجمية": "هذه مرتبة ما نالها أحد من العالمين إلا سيد المرسلين، وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم من الأزل إلى الأبد، وهو أنه تعالى: أقسم بحياته ليعرف الناس عظمته عند الله تعالى ومكانته عنده عز وجل. ثم قال: وكونه قسما به e هو المشهور، وعليه الجمهور". اهـ.
تنبيه: [في أن آية: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون} قسم به صلى الله عليه وسلم]:
ما تقدم من أن الآية قسم من الله تعالى بنبيه ؛ حكى القاضي عياض في "الشفا" اتفاق المفسرين عليه، قال: "ومعناه: وبقائك يا محمد، وقيل: وعيشك، وقيل: وحياتك، قال ابن عباس: ما خلق الله وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد، وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره". اهـ.
وسبقه إلى ذلك شيخه القاضي أبو بكر بن العربي المعافري في "الأحكام"؛ فقال عند ذكر الآية الكريمة ما نصه: "قال المفسرون بأجمعهم: أقسم الله هاهنا بحياة محمد e تشريفاً له". ثم ذكر قول ابن عباس المذكور، ثم قال: "وهذا كلام صحيح، ولا أدري ما الذي أخرجهم من ذكر لوط إلى ذكر محمد؟، وما الذي يمنع أن يقسم الله بحياة لوط ويبلغ به من التشريف ما شاء؟، فكل ما يعطي الله للوط من فضل ويؤتيه من شرف فلمحمد ضعفاه؛ لأنه أكرم على الله منه. أولا ترى قد أعطى لإبراهيم الخلة، ولموسى التكليم، وأعطي ذلك لمحمد؟، فإذا أقسم الله بحياة لوط؛ فحياة محمد أرفع، ولا يخرج من كلام إلى كلام آخر غيره لم يجر له ذكر لغير ضرورة". اهـ منه بلفظه.
وقال في "المواهب": "اختلف في المخاطَب في الآية على قولين:
"أحدهما: أن الملائكة قالوا للوط لما وعظ قوله: لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون. أي: يتحيرون، فكيف يعقلون ويلتفتون إلى نصيحتك؟".
"الثاني: أن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عز وجل أقسم بحياته". اهـ.
قلت: الأول - وإن حكاه في "الكشاف" وتبعه ابن جزي - فهو مرجوح، كما قال بعضهم بأن خطابات القرآن عند الإطلاق لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبه يجاب عن قول ابن العربي، ولا يخرج من كلام إلى كلام آخر لم يجر له ذكر لغير ضرورة، فإن المخاطب بهذه القصة وغيرها من جميع القرآن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعاً، فإذا وجه بالخطاب أثناء القصص المنزلة عليه؛ فلا يقال: إن ذلك خروج من كلام إلى كلام آخر لغير ضرورة. فتأمله. وأيضاً؛ القول الأول إنما يأتي على إضمار القول، والأصل عدمه.
ويترجح الثاني بروايته عن ابن عباس؛ أخرجه عنه الحافظ أبو نعيم بسنده في كتابه "دلائل النبوة"، وكذا أخرجه أبو يعلى، وابن مردوية، والبيهقي، وابن عساكر، وأخرجه ابن مردوية - أيضاً - عن أبي هريرة مرفوعاً. ولعله لم يصح عند ابن العربي، ولذلك حكاه بصيغة التمريض، وإلا؛ فهو نص في محل النزاع؛ لأنه ترجمان القرآن.
ويترجح الثاني أيضاً: بكون جل المفسرين لم يذكروا مقابله ولا عرجوا عليه، ولذا حكى في "الشفا" اتفاقهم، وفي "الأحكام" إجماعهم.
وممن مشى على أنه قسم من الله تعالى بحياته صلى الله عليه وسلم ولم يعرج على خلافه: سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام؛ فإنه قال في رسالته "بداية السول في تفضيل الرسول" عند ذكره لوجوه تفضيله صلى الله عليه وسلم ما نصه: "ومنها: أن الله تعالى أقسم بحياته e في قوله تعالى: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}. [الحجر/ 72]، والإقسام بحياته يدل على شرف حياته وعزتها عند المقسِم بها، وإن حياته صلى الله عليه وسلم لجديرة أن يقسم بها؛ لما كان فيها من البركة العامة والخاصة، ولم يثبت هذا لغيره". اهـ، نقله في "جواهر البحار".
وقال في "روح البيان" نقلا عن "التأويلات النجمية": "هذه مرتبة ما نالها أحد من العالمين إلا سيد المرسلين، وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم من الأزل إلى الأبد، وهو أنه تعالى: أقسم بحياته ليعرف الناس عظمته عند الله تعالى ومكانته عنده عز وجل. ثم قال: وكونه قسما به e هو المشهور، وعليه الجمهور". اهـ.
اللهم
صلّ على إمام المتقين وسيد الأولين والآخرين وخاتم الأنبياء والمرسلين الحبيب
المصطفى سيدنا محمد عدد ماسبحك المسبحون وحمدك الحامدون وكبرك المكبرون ووحدك
أصناف الموحدون والمخلصين وقدسك أجناس العارفين وأثنى عليك جميع المهللين والمصلين
والمسبحين ومثل ماأنت به عالم يارب العالمين وعلى آله وصحبه البررة الأخيار وسلم
تسليماً.
Khadimul Janabin Nabawiy
H. Rizqi zulqornain al-Batawiy
Tidak ada komentar:
Posting Komentar