Jumat, 08 Februari 2013

صفات رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ونشأته الباطنة



في صفاته ونشأته الباطنة صلى الله عليه وسلم
 وقال الإمام شيخ الإسلام محمد بن جعفر الكتاني قدس سره، في كتابه المسمى: "اليمن والإسعاد في مولد خير العباد":

الفصل الحادي عشر: في صفاته ونشأته الباطنة صلى الله عليه وسلم.

عطِّر اللهم مجالسنا بطيب ذكر حبيب الله الأعظم وثناه،
ومُنَّ علينا بسلوك سبيله وهُداه، وصَلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله،
صلاة وسلاما نتخلص بهما من محن الوقت وأهواله.

وقد ورد أيضا في صفته الباطنة ونعوتِهِ السميةِ الكامنة، أنه صلى الله عليه وسلم كان قد نشأ على أكمل الأوصاف، وأجلِّ كمال واتصاف، من حين نشأته وصباه، إلى أن قبضه الله إليه وحباه، فكان أحسنَ الناس خَلقا كما كان أحسنهم خُلُقا، وأصدقَهم حديثا ولسانا، وأوفاهم عهدا وأمانا، وأبعدَهم عن الفحش وما لا يليق، حتى سمي قبل نبوته بالأمين والصدِّيق، لِما شاهدوه من أمانته، وصدقه وطهارته، وما جمعه الله فيه من الأخلاق الحميدة، والفِعَال الكريمة السديدة.

وكان أحلمَ الناس وأشجع الناس، وأجود الناس، وأكرم الناس، وأعدل الناس، وأعفَّ الناس، وأرأف الناس بالناس، وخير الناس للناس، وأنفع الناس للناس، وألين الناس كفا، وأحسنَهم لُطفا، وأطيبَهم ريحا ونَفَسَا، وأكملهم معنى وحسا، وأحسنَهم عِشرة وعشيرة، وأجملَهم سيرة وسريرة، وأعلمهم بالله، وأشدَهم خشية لله، وأبعدَهم غضبا، وأسرعهم رضى، وأكملهم أدبا وأفصحَهم منطقا، وأحلاهم كلاما، وأعلاهم جاها ومقاما، وأعزَهم نفْسا، وأكثرَهم إصابة وحدْسا، لا يبدي في غير حاجة نطقا، ولا يقبل في الرضى والغضب إلا حقا، يُعرض عمن تكلم بغير طائل، ولا يُقِرُّ أحدا على باطل، ويرى اللعب المباح أحيانا فلا ينكر، وتُرفع الأصوات عليه من بعض جُفاة الأعراب فيصبر.

مجلِسُه مجلسُ حياءٍ وعلم وصيانة، وتواضعٍ وصبر وأمانة، لا تُنتهك فيه الحرُمات، ولا تُرفع فيه من أحد من أصحابه الأصوات، يُكْرِمُ أهلَ الفضل، ويَتَأَلَّفُ أهل الشرف والبذل، ولا يجفو على أحد جفا لديه، ويقبل المعذرة ممن اعتذر إليه، ويمزح ولا يقول إلا الحق، ولا يقوم ولا يجلس إلا على ذكرٍ أو علم أو حق، ولا يمضي له وقت في غير عمل لله، أو ما لابد منه من صلاح دنياه، شديدَ الحياء والتواضع، تاركا لما فيه تَرَفُّع أو تنافس أو تمانع.

يَخْصِفُ – أي: يَخْرِزُ – نعله، ويرقع ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه، ويسير في أهله بسيرةٍ سَرِيَّةٍ، حسنة جميلة بهية، يخدم في مهنتهن، ويقطع معهن اللحم ببيتهن، ويُحِبّ المساكين ويجلس معهم، ويعود مرضاهم ويشيع جنائزهم. وربما مشى بلا رداء ولا نعل راجلا حافيا، ورأسهُ الشريف بلا قلنسوة ولا عمامة عاريا، مع بعض أصحابه يعود المرضى في أقصى المدينة، زاده الله عزا وشرفا واستكانة وسكينة.

وكان يجيب دعوة الحر والعبد والمسكين، ويلبس ما وجد ويأكل ما حضر في الحين، ويركب ما تيسر من بعير وبغل وفرس وحمار، ويردِف وراءه الكبار والصغار، ولم يكن الركوب له عادة مستمرة، بل يُؤَثِّرُ المشي إلا في الأحوال القليلة النادرة، وما ذم قطُّ ذَوَاقا ولا عاب طعاما قدم له، بل إنْ اشتهاه أكله، وإلا تركه أو بذله، وما عاب أيضا قطُّ مضجعا، بل إن فرشوا له اضطجع، وإلا نام على الأرض وهجع.

وكان يقبل الهدية ولو أنها فخذ أرنب أو جرعة ماء، ويكافئ عليها مكافأة من لا يخشى فاقة بالعطاء، ويكرم من يصل إليه، وربما بسط له ثوبه وأجلسه عليه، وآثره بالوسادة التي لديه. وكان يقلل الأكل ما استطاع، ويرفع من مائدته لأهل الصُّفَّة وغيرِهم من الجياع، وربما ربط الحجر على بطنه الشريف من الجوع، رغبة عن الدنيا وطلبا للإيثار بها والتأسي به في تركها والخضوع، وقد أوتي الخزائنَ الإلهية ومقاليدها أجمع، وراودته الجبال الشم بأن تكون له ذهبا أو طعاما أو ما شاء، وتسير معه حيثما سار، فأعرض عنها وامتنع، وكان لا يستصفيه أحد من الناس، إلا ويظن أنه لديه أكرم الجُلاس.

ويحب الطيبَ وكل ما له رائحة حسنة، ويكره الروائح الخبيثة المنْتِنَةَ. وكان إذا لقي أحدا من أصحابه بدأه بالسلام، والمصافحة والكلام، وربما أخذ بيده فشابكه ثم شد قبضته عليها، يشير بذلك لتأكد المحبة عندها ولديها، وكان يمشي مع الأرملة – وهي: المرأة التي لا زوج لها - لقضاء الحوائج لديها، ومع ذوي العبودية – أي: الرقيق - كذلك، لقضاء حاجته هنالك، وكان له عبيد وخدم وإماء، لا يترفَّعُ عليهم في مأكل ولا ملبس ولا في شيء من الأشياء، ولا يحقر مسكينا ولا فقيرا، ولا يواجه أحدا بما يكره ولو حقيرا، ولا يهاب الملوك والأمراء، ويدعو هذا وهذا إلى الله دعاء مستويا لا حياء فيه ولا مراء، ولا ضَرَب بيده شيئا قط، ولا ضرب امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نِيلَ مِنْهُ شيء فانتقم من صاحبه إلا أن يُنْتَهَكَ شيءٌ من محارم الله فينتقم لله.

وإذا سئل أن يدعو على أحد - مسلم أو كافر، خاص أو عام - عدل عن الدعاء عليه للدعاء له بالتمام. وكان يمشي خلف أصحابه في الغالب، ويترك ظهره للملائكة الذين هم حزب الله الغالب، وما سُئل شيئا قط فقال: لا، ولا قابل أحدا بسوء أو فُحْش أو قِلى، وما خيَّره الله أو غيَّره بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وأرفقهما لأمته وأسهلهما، ما لم يكن إثما، أو يؤدي إلى قطيعة الرحم ظنا أو جزما.

وبالجملة؛ فقد تمم الله به مكارم الأخلاق، وأوصلها فيه إلى غاية يستحيل وصولُها لغيره بلا شقاق، وجمع من الخِلاَلِ الحميدة، والشيم المرضية، ما لم يُجمع لأحد من سائر البرية، وآتاه من السِيَرِ الفاضلة، والسياسات الحسنة الكاملة، والعلم الأول والآخر، والباطن والظاهر؛ ما لم يؤتِ أحدا من العالمين، والخلائق أجمعين، وما من كمال في الوجود إلا وهو من كماله، كما أن كل جمال فيه هو من فيض جماله.

ولا يشك فاضل ولا عاقل في أن صفاته الشريفة لا تُقاس بصفات غيره من خَلْق أو إنسان، كما أن أخلاقه الكريمة لا تُقاس بأخلاق غيره من متخلِّقي كل زمان، فحياؤُه مثلا لا يقاس بحياء غيره ولو من أهل الحياء التام، بل كلُّ حياء في مؤمن وولي ونبي هو رَشْحٌ منه صلى الله عليه وسلم وَرَشْفٌ من بحره الطَّامِ، وهو عليه الصلاة والسلام الذي أحاط بالحياء كلِّه على التمام، وهكذا يقال في كل وصف من أوصافه، ونعت من نعوت كماله واتصافه، ولذا مدحه المولى العظيم، بقوله: {وإنك لعلى خلق عظيم}.

ويقول ناعته نعتا مجمَلا عند عجزه عن التفصيل: "لم أر ولا يَرى غيري قبله ولا بعده مثله من كل كامل أو جميل"، ولم يُسمع أيضا من أكابر الصحابة الكرام، كالشيخين رضي الله عنهما وصفُه صلى الله عليه وسلم بالوصف التام، هيبة له وإجلالا، ولعلمهم بأنه لا قدرة لأحد على الإتيان بما يليق بجنابه الشريف رفِعة وكمالا، ولم يتعاط فحولُ الشعراء، من المتقدمين البلغاء، كأبي تمام والبحتري وابن الرومي مدحه صلى الله عليه وسلم، وكان من أصعب ما يحاولونه، وأعسر شيء يتناولونه، لأن المعاني دون مرتبته، والأوصافَ دون وصفه وصفته، وكل غلو في مدحه تقصير، فيضيقُ على البليغ المجالُ وإن ظن أنه فسيح كبير، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى كل من انتسب له أو رجع إليه...آمين.

انتهى النقل المبارك...




اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الشَّامَةِ والعَلامَةِ وَعَلَى آلِِهِ وَصَحبِهِ وَسَلِّمْ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الْحُجَّةِ وَعَلَى آلِِهِ وَصَحبِهِ وَسَلِّمْ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَاحِبِ الوَسِيلَةِ والضراعة وَعَلَى آلِِهِ وَصَحبِهِ وَسَلِّمْ .
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَاحِبِ البُرَاقِ وَعَلَى آلِِهِ وَصَحبِهِ وَسَلِّمْ .

Khadimul Janabin Nabawiy
H. Rizqi Zulqornain al-Batawiy

Tidak ada komentar: