Kamis, 07 Februari 2013

في بيان ما كان عليه من الأحوال خَلْقًا وخُلُقا صلى الله عليه وسلم



في بيان ما كان عليه من الأحوال خَلْقًا وخُلُقا صلى الله عليه وسلم
وقال الإمام شيخ الإسلام أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني، المتوفى بمدينة فاس عام 1345، رحمه الله تعالى ورضي عنه، في كتابه: "اليمن والإسعاد بمولد خير العباد":

الفصل العاشر: في بيان ما كان عليه من الأحوال خَلْقًا وخُلُقا صلى الله عليه وسلم.

عطِّر اللهم مجالسنا بطيب ذكر حبيب الله الأعظم وثناه،
ومُنَّ علينا بسلوك سبيله وهُداه، وصَلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله،
صلاة وسلاما نتخلص بهما من محن الوقت وأهواله.

ثم إن الخلائق والعباد، كما قاله بعض العلماء الأفراد، مضطرون فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه من الأحوال خَلقا وخُلقا، وما جمعه الله فيه من الخِلالِ الشريفة والمحاسن الدينية والدنيوية نَسَقَاً.

وقد ورد في صفته الظاهرة: أنه كان يتلألأ وجهه الكريم تلألؤ القمر ليلة البدر الزاهرة، وكان كالشمسِ أو القمرِ بل أحسن منهما نورا وإشراقا، لدى كل من أمَدَّه الله بالتوفيق وأطلق نظره إليه إطلاقا. وأنه: كان أطولَ من المَربوع وأقصرَ من المُشَذَّبِ، وإذا ماشى الطِّوالَ طالهم معجزةً له من الرب، وإذا جالسهم في مجالسهم عَلَت كَتِفَاهُ على أكتافهم. وأنه لم يكن بالشديد البياض ولا بالشديد السُمرة، بل كان أزهرَ اللون أبيض مُشْرَبَاً بحمرةٍ. وأنه كان شديد سواد الشعر، ولم يكن شَعْرُهُ جَعْدًا قَطَطًا، ولا مُنْطَلِقًا سَبِطًا، بل كان بينهما كأنه مُشِطَ فانكسر يسيرا، وانثنى قليلا لا كثيرا.

وأنه كان حسن الجسم ناعمَهُ جميله، مع تناسب واعتدال يناسبان حالته الجميلة، وكانت رائحته أطيبَ من النَّدِّ والمسك والعنبر وكلِّ طيب، بل كان يُجْعَلُ من عَرَقِهِ في طيبهم لتزداد رائحته ويطيب، ولم يكن لجسمه الطاهر المنوَّر، ظلٌ لا في شمس ولا في قمر، لأنه كان نورا والنورُ يكشف الظلمة، ويزيل ما ينشأ عنها من الوَصْمَةِ، وما قام قط مع شمس أو سراج، إلا غلب ضوءُه ضوءَ الشمس أو ذلك السراج صلى الله عليه وسلم.

وأنه كان أنْوَرَ المُتَجَرِّدِ – أي: ما تجرد من أعضائه من اللباس - مشرقا نيرا على غاية ما يكون من الجمال ونصاعة اللون بين الناس، وأنه كان بادِنَا بدانة معتدلة ليست بشيء من الكمال مُخِلَّةً، معتدل الخَلق كلِّه مليحا مُقصِدِاً بلا تَشْطيط، مائلا في ذاته وأعضائه كلِّها عن طرفي الإفراط والتفريط. وأنه كان ضخم الهامة – أي: الرأس - دلالةً على كمال قواه الدماغية بلا لَبْس، له شعر يَضِرب إلى منكبيه، وتارة إلى أنصاف أذنيه، وتارة إلى الشحمتين، وتارة يتجاوزهما ولا يبلغ المنكبين، وكان يُرَجِّلُهُ أحيانا ويستعين بزوجاته فيه، دون لحيته الشريفة فإنه كان يتعاطى تسريحها بنفسه ولا يَكِلُها لأحد يصطفيه، وكان أولاً يَسْدِلُهُ حول رأسه أو على جبينه، ثم فَرَقَه أخيرا من المَفْرِقِ نِصْفَين، وجعله أربعَ ضفائر من كل جهةٍ اثنتين.

وأنه كان واسع الجبين، في النظر المُستبين، أَزَجَّ الحاجبين – أي: مُقَوَّسَهُما - دقيقَهُما مُسْتَوِيَهُمَا، سَوَاِبِغُ – أي: كوامل - بلا قَرَنٍ – أي: اتصال - وهو البَلَجُ الذي يكون فيه بين شعر الحاجبين بعضُ انفصالٍ، والعرب تستملح البلج وتميل إليه، والعجم تفضل القَرَنَ وتعمل عليه، ونظر العرب أدق، وطبعهم أرق، أَدْعَجَ العينين – أي: شديد سواد حَدَقَتِهِما مع سعتهما وشدة بياض بياضهما - أَشْكَلَ – أي: يخالط بياضَ عينيه خطوطٌ حُمْرٌ - وذلك من علامات نبوته، ودلائل رسالته، أهْدَبَ الأشفار – أي: طويل شَعَرَها المِغْزَارِ - وكان إذا نام تنامُ عينه والقلب لا ينام، كغيره من الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام.

وأنه كان سهل الخدين – أي: سائَلَهُمَا - غير مرتفع الوجنتين منهما، أَقْنَى العِرْنَيْنِ، والقَنَى: طول الأنف مع دقة أَرْنَبَتِهِ، واحْدِيدَابٍ في وسط جُثَّتِهِ. وأنه كان ضليع الفم – أي: واسعه - دلالة على الفصاحة المتسعة، ولأسنانه البهيةِ غايةُ البياضِ والبريقِ واللمعانِ، أَشْنَبَ، والشَّنَبُ: دقة في الأسنان مع حسن رونقها وعذوبة مائها، وشدةِ صفائه وكماله وانتهائه، بل كان ريقه يُعْذِبُ مِلْحَ الماء، ويكفي الرضيعَ عن اللبن الذي هو له غذاء، أَفْلَجَ الثَّنِيَّتَين العُلْيَيَن، إذا تكلم رُئي كالنور يخرج من بينهما، ويجري في خلالهما.

فصيحَ النطقِ والكلام، حسن النغمة جَهير الصوت بلا فُحش ولا مَلامٍ، قد خرق الله العادة في جميع حواسه، وملامسه وأعضائه، فلم يكن شيءٌ منها على وفق ما يتعارفه الناس في إجرائه، فقد كان يرى من خلفه وورائه، كما يرى من أمامه وتلقائه، ويرى في الليل وفي الظلمة الشديدة كما يرى في النهار وفي الأضواء العديدة، ويبصر ما لا يبصرون، ويعلم ما لا يعلمون، ويَسمَعُ ما لا يَسمعون، ويُسْمِعُ بكلامه ووعظه ما لا يُسْمِعُون، ويدرك بالشم ونحوه ما لا يدركون، وأقدره الله في أعضائه كلها على ما لا يقدرون، وما تثاءب قط كغيره من الأنبياء لأن سببه غالبا الامتلاء، ولا يصدر إلا عن الأغبياء.

ولم يكن وجهه الشريف المعظَّم، بالمتفاحش السمن وهو: المُطَهَّمُ، ولا بالمدوَّر الكامل في التدوير وهو المُكَلْثَمُ، بل كان بين الإدارة والطول، كما هو أبلغُ في الحسن لدى كل العقول، كثَّ اللحية الشريفة عريضَها طويلَها، عرضا وطولا متناسبين، لأنه كان في أحواله كلها بين بين، وكان فيها وفي رأسه الشريف شَعَراتٌ بيضٌ لا تبلغ العشرين، بل تسعَ عشرةَ شَعَرَةً بيضاء بالعد والتبيين.

وكان عُنُقُهُ الشريفُ كأنه عُنُق صورة معتدلة من العاج، صافيةٍ صفاءَ الفضة بلا تغير ولا اعوجاج. وأنه كان عريضَ الصدر عريضَ ما بين المنكبين، طويلَ الزِّنْدَينِ أي: الذراعين، شَثْنَ – أي: غليظ - أصابع الكفين والقدمين، رَحْبَ الراحة – أي: واسِعَهَا حِسَّاً وكذا معنى - بالعَطايا، وبما لا يقدر على إعطائه أكابرُ الملوك والبرايا، وكفُّه من الحرير أَلْيَن، ومن المسك أطيب ريحا وأبين، ومن الثلج أبرد، وبكل خير أسرعُ وأجود.

ولم يكن شعرٌ لإبطه المكرم، وَوَصَفَهُ بالعُفْرَةِ – وهي: البياض غير الناصع - الخزاعي عبد الله بن أَقْرَم، ولم تكن له رائحة كريهة، بل كان يُشَمُّ من عرقه مثلُ رائحة المسك النَفيهة، وأنه كان ضخم الكَرَاديس – وهي: رؤوس العظام - دلالةً على كمال قواه الباطنية بالتمام، سواءَ البطن والصدر الرحيب، موصولَ ما بين اللَّبَّةِ والسُّرَة بشعر يجري كالقضيب، عاري الثديين والبطن مما سواه، أشعر الذراعين والمنكبين والصدر من أعلاه.

وأنه كان بين كتفيه خاتم النبوءة، وهو شيء من اللحم بارزٌ أحمر، على رأس كتفه الأيسر، كالتفاحة أو كبيضة الحمام، حوله خِيْلاَنٌ كالثآليل وشعرات ملتفات عليه بالتمام، وأنه ما رُئِيَتْ له فَضْلَةٌ تُرفع، بل كانت الأرض تبتلع ما يخرج منه أجمع، وتفوح منه عند ذلك رائحة كرائحة المسك الأذفر، بل أفوحُ من كل طيب وأعطر، وكان أمْلَكَ الناس لإِرْبِهِ ونفسه، مع ما أوتيه من القوة الكاملة في حسه، وما احتلم قط لأنه من الشيطان، ولم يكن الله ليسلطه عليه في سر ولا إعلان. وأنه كان يحلِقُ عانته في كل شهر وربما تَنَوَّرَ، ويُقَلِّمُ أظافيره ويقص شاربه في يوم الجمعة قبل الرواح إليها ويتعطر.

وأنه كان خَمْصَانَ الأَخْمَصَيْن – أي: مَهْزُولَ باطن القدمين - مَسِيحَ القدمين – أي: أملسهما - مُسْتَوِيَهُمَا لَيِّنَهُمَا بلا تكسر ولا تعقيد، ولا تشقق في جلد مديد، وأنه كان مَنْهُوسَ العَقب – أي: قليل لحمها - تزهو على كل عَقِبٍ بحسنها، وإذا رفع رجله من الأرض رفعها بقوة وتبيين، وإذا أنزلها أنزلها بهون ورفق ولين، وكان ذَرِيعَ المشي واسع الخطا، إذا مشى أسرع بلا تأخر ولا إبطا، وكان كأنما تُطْوَى له الأرض طيا، فَيَجِدُّونَ في لحاقه وهو غير مكترث – أي: متكلف - مشيا، وكان يَتَكَفَّأُ في مشيه تكفؤاً، أي: يميل إلى قدامه وبين يديده كالسفينة، وقيل: بل كان يميل يمينا وشمالا بغاية الوقار والسكينة.

وفي مسند أحمد أن سَبَّابَةَ قدميه، كانت أطول من بقية أصابعهما لديه، وفي "الإبريز" عن القطب مولانا عبد العزيز: أن سَبابة يديه كانت مساوية لوسطاهما عند النظر إليه. وقد اشتهر أنه كان إذا مشى في الصخر ربما أَثَّر فيه ولان، وإذا مشى في الرمل لم يكن لقدميه فيه بيان، ولكن لم يوقف لذلك على أصل ولا مستند، ولا خرج في شيء من كتب الحديث التي تُعْتَمَد، إلا أنه وُجد ما يشهد له من حيث الجملة، وإن لم يُعتبر دليلا من الأدلة، وهو: وجود أنواع من الآثار، في عدة صخور وأحجار، صحت نسبة بعضها لبعض الأنبياء؛ كخليل الله، ولغيرهم من كثير من أهل الله، وما أوتي نبي معجزة من المعجزات، إلا وأوتي نبينا مثلَهَا أو ما هو أبينُ من الآيات، والله أعلم.

انتهى النقل المبارك، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه...واملأ قلوبنا بمحبته، وجوارحنا باتباعه...
Top of Form
Bottom of Form



Khadimul Janabin Nabawiy
H. Rizqi Zulqornain al-Batawiy

Tidak ada komentar: