Kamis, 07 Februari 2013

الحكمة في فصل لفظي الشهادتين



الحكمة في فصل لفظي الشهادتين
 وقال الإمام أبو الجمال محمد الطاهر بن الحسن الكتاني رضي الله عنه، في كتاب "مطالع السعادة في اقتران كلمتي الشهادة" أيضا:

[الحكمة في فصل لفظي الشهادتين بدل وصلهما]:
فإن قلت: ومع هذا الاتصال المعنوي؛ فلم كان الانضمام في كلمة الشهادة على وجه الفصل؛ بأن قيل: لا إله إلا لله محمد رسول لله. دون الوصل؛ بأن يقال: لا إله إلا الله ومحمد رسول الله. بالواو، مع حصول الجامع؟.

قلت: أجيب بأن الإشارة بذلك لنكتة سرية؛ وهي: أن الشهادة بالرسالة معتبرة في الإيمان والعبادة على سبيل الاستقلال لا على سبيل التبعية، فالإيمان ركنان، وأساسان ودعامتان، وهما: الإقرار بالربوبية، والاعتراف بالرسالة، ولا تغني الأولى عن الثانية. ولو قيل: ومحمد رسول الله. بواو الوصل؛ لأوهم أن الثاني تابع ومكمل وتتمة، لا أصل وعمدة وأساس، وقد اقتضت حكمة الحكيم - سبحانه وتعالى - أن جعل نبيه صلى الله عليه وسلم متبوعاً في كل شيء، وأن الأشياء كلها تتشرف به، ويعلو قدرها بسببه، على سبيل الاستقلال لا على سبيل التبعية.

ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم لما نشأ بمكة المشرفة وظهر أمره بها، وقد يتوهم من ذلك أنه تشرف بها؛ نقله الله تعالى منها إلى المدينة المقدسة ليخصه ببلده وحده، وحرم ومسجد وروضة، ووفود تسير إليه كما تسير إلى البيت العتيق؟، فالوفود تسير من كل الآفاق إلى زيارة الكعبة،

وكذلك تسير إلى زيارته صلى الله عليه وسلم، ولما أن جعل الله - سبحانه - المسجد الحرام له فضيلة بالصلاة فيه والجلوس فيه؛ جعل مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم كذلك في مضاعفة الأجور، وجعله روضة من رياض الجنة. وهكذا فافهم.

وقد قال في "الفتوحات" ما نصه: "وأما حكمة حرم المدينة؛ فلأن الله قرن الشهادة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم، ورسالته بشهادة التوحيد، تشريفاً له، وأنه لا يكون الإيمان إلا بهما، والله قد حرم مكة، فجعل لرسوله صلى الله عليه وسلم تحريم المدينة، تأييداً لشرف الشهادة، فجعل له أن يحرم كما حرم الله تعالى. ثم قال: وأما زيارة النبي
e؛ فلكونه لا يكمل الإيمان إلا به، فلا بد من قصده للمؤمن. {من يطع الرسول فقد أطاع الله}. [النساء/ 80]". اهـــ المراد منه.

وسئل الشيخ الإمام العارف بالله سيدي عبد لله الميرغني - شيخ الشيخ مرتضى شارح "الإحياء" و"القاموس" - عن مسائل؛ منها: ما السر في التوجه إلى الكعبة المشرفة ولم يكن إلى النبي
e الذي هو كعبة أهل الوصال، وقبلة أولي الاتصال؟...الخ.

فأجاب بما نصه: "وأما عدم جعله صلى الله عليه وسلم قبلة؛ فلأنه لو جعل قبلة لدخل واجب حقه في واجب حق الله تعالى، وأدى ضمناً، وذلك تساهل بشأنه صلى الله عليه وسلم مع كونه بالمحل الأعلى، والمكان الأرفع، فلا بد من اختصاصه، وتمييز واجبه، كما قال تعالى: {ورفعنا لك ذكرك}. [الشرح/ 4]، وفي الخبر: فلا أُذْكَرُ إلا وتُذكر معي. ولذا أمرنا بالشهادتين مع كون أحدهما متضمنا للمعنيين؛ إذ من معنى: لا إله إلا لله: لا كمال إلا لله، ومن الكمال: إرسال رسول لله صلى الله عليه وسلم. لكن؛ لما كان محبوب الله، ومن عادة المحب أن يحب للمحبوب مثل ما يحب لنفسه بل أزيد، ميزه بتلك التمييزات، وخصه بتلك الاختصاصات، حتى لقد أدرج حقه في حقه في بعض الأمور، كما جعل مبايعته مبايعة الله، وطاعته طاعة الله، وأذاه أذى الله...وهكذا، وهذا هو الوجه". اهـ لفظه.

وبه تعلم تأكيد طلب وصل الكلمتين المشرفتين في الذكر، وعدم التفريق بينهما اكتفاء بالأولى؛ لما في ذلك من أداء حقه صلى الله عليه وسلم، وإظهار فضله وشرفه الذي خصه ربه تعالى به.

وقد لاحظ هذا المعنى جبل السنة ومقتدى الأمة الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه فقال: "من أقسم بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ ينعقد يمينه وتلزمه الكفارة بالحنث"، قال القاضي أبو بكر بن العربي في "الأحكام" عند قوله تعالى: {لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون}. [الحجر/ 72]، ما نصه: "قال أحمد بن حنبل: من أقسم بالنبي؛ لزمته الكفارة؛ لأنه أقسم بما لا يتم الإيمان إلا به، فلزمته الكفارة كما لو أقسم بالله". اهــ.

وأشار بقوله: "لأنه أقسم بما لا يتم الإيمان إلا به"، إلى توجيه قول أحمد، وإنه لما كان أحد ركني الإيمان لا يصح إلا به؛ صح الحلف به، وانعقد كما ينعقد بالركن الآخر. ووجهه بعضهم بأنه: لما كانت طاعته طاعته، وبيعته بيعته؛ صار الحلف به كأنه حلف بالله عز وجل.

وأخذ القرطبي جوازه من الآية المذكورة؛ فقال: "يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وحياته"، وقال ابن خويزمنداد: "استدل من جوز الحلف به عليه الصلاة والسلام بأن: أيمان المسلمين جرت من عصره صلى الله عليه وسلم - خصوصاً من أهل المدينة - على ذلك". اهـ.

لكن المشهور عندنا في المذهب المالكي في الحلف به صلى الله عليه وسلم وبكل معظم شرعاً - كالكعبة والعرش وحرمة الصالحين – هو: التحريم، نص على مشهوريته في "الشامل"، وهو نص اللخمي وابن بشير، وقال في "التوضيح": "هو الأظهر من القولين"، ونسبه الزرقاني للأكثر. وقيل: "إن ذلك مكروه فقط"؛ وهو قول ابن رشد، وصرح الفاكهاني بمشهوريته؛ لكن الأول أرجح، انظر الحطاب.

هذا إذا كان الحالف بهذه الأشياء المعظمة صادقاً، وأما إن حلف بها كاذباً؛ فلا شك في التحريم؛ لأنه كذب، والكذب محرم واستهزاء بالمحلوف به المعظم في الشرف، بل ربما كان كفراً والعياذ بالله إن كان في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ونحوه. قاله الحطاب.

انتهى النقل المبارك




اللهم صل على سيدنا محمد لذة بكاء الخاشيعين وهمة نشاط العابدين وحجة اهل اليقين و نور بصيرة الواصلين رائد المقربين الى حضرة الشهود و التمكين اللهم صل على سيدنا محمد اصل الهدى و الاستقامة و مصدر الامن و السلامة و موئل العزو الكرامة المنفرد بالشفاعة يوم القيامة



Khadimul Janabin Nabawiy
H. Rizqi Zulqornain al-Batawiy

Tidak ada komentar: