تلقين الميت .. مَن الجاهل ؟؟
أخرج الإمام الطبراني عن الصحابي أبي أمامة الباهلي أنه قال: إذا أنا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصنع بموتانا، أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره، فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل: يا فلان ابن فلانة، فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يستوي قاعداً،
ثم يقول: يا فلان ابن فلانة، فإنه يقول: أرشدنا يرحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل: اذكر ما خرجت عليه من الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وبالقرءان إماماً، فإن منكراً ونكيراً يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول: انطلق بنا، ما يُقْعِدُنَا عند من لُقِّن حُجَّتَه، قال - أي أبو أمامة -: فقال رجل: يا رسول الله، فإن لم يُعرف أمه، قال: ينسبه إلى أمه حواء، يا فلان ابن حواء.
والحديث له طرق يتقوى بها،يقول ا لإمام ابن الملقن رحمه الله كما في خلاصة البدر المنير (1/275): (رواه الطبراني في أكبر معاجمه هكذا، وليس في إسناده إلا سعيد بن عبد الله فلا أعرفه، وله شواهد كثيرة يعتضد بها، ذكرتها في الأصل).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني كما في التلخيص الحبير (2/136): (وإسناده صالح، وقد قواه الضياء في أحكامه).
وقال الإمام السخاوي كما في المقاصد الحسنة (1/265): (ومن طريق الطبراني أورده الضياء في أحكامه، وكذا رواه إبراهيم الحربي في اتباع الأموات، وأبو بكر غلام الخلال في الشافعي من جهة ابن عياش، وابن زبر في وصايا العلماء عند الموت، من طريق عبد الوهاب بن نجدة عن ابن عياش، وابن شاهين في ذكر الموت من جهة حماد بن عمرو النصيبي، عن عبد الله بن محمد، وآخرون وضعفه ابن الصلاح، ثم النووي وابن القيم والعراقي وشيخنا في بعض تصانيفه وآخرون، وقواه الضياء في أحكامه، ثم شيخنا بما له من الشواهد، وعزى الإمام أحمد العمل به لأهل الشام، وابن العربي لأهل المدينة وغيرهما كقرطبة وغيرها، وأفردت للكلام عليه جزءا).
وهذه نصوص من المذاهب الأربعة تفيد استحباب التلقين:
قال الشيخ عبد الغني الغنيمي الدمشقي الحنفي في اللباب في شرح الكتاب (1/125): (وأما تلقينه - أي الميت - في القبر فمشروع عند أهل السنة لأن الله تعالى يحييه في قبره).
وقال الإمام القرطبي المفسر كما في التذكرة بأحوال الموتى والآخرة (ص138-139): باب ما جاء في تلقين الإنسان بعد موته شهادةَ الإخلاصِ في لحده،
وقد ذكر أن العمل جرى في قرطبة على تلقين الميت، واستشهد بنصيحة شيخه أبي العباس القرطبي في جواز التلقين.
وقال الإمام محمد بن يوسف العبدري المالكي الشهير بالمواق كما في التاج والإكليل لمختصر خليل (3/53): (قال أبو حامد: ويستحب تلقين الميت بعد الدفن، وقال ابن العربي في مسالكه: إذا أُدخل الميت قبرَه، فإنه يستحب تلقينه في تلك الساعة، وهو فعل أهل المدينة الصالحين من الأخيار، لأنه مطابق لقوله تعالى : {وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين} وأحوج ما يكون العبد إلى التذكير بالله عند سؤال الملائكة).
وقال الإمام المحدث أبو عمرو ابن الصلاح الشافعي في فتاويه (1/261): (أما تلقين البالغ فهو الذي نختاره ونعمل به وذكره جماعة من أصحابنا الخراسانيين وقد روينا حديثا من حديث أبي أمامة ليس بالقائم إسناده، ولكن اعتضد بشواهد وبعمل أهل الشام به قديما).
وقال الإمام النووي في المجموع شرح المهذب (5/274): (قال جماعات من أصحابنا يستحب تلقين الميت عقب دفنه... وممن نص على استحبابه القاضي حسين والمتولي والشيخ نصر المقدسي والرافعي وغيرهم . ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقا ... حديث أبي أمامة رواه أبو القاسم الطبراني في معجمه بإسناد ضعيف... فهذا الحديث وإن كان ضعيفا فيستأنس به، وقد اتفق علماء المحدثين وغيرهم على المسامحة في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب , وقد اعتضد بشواهد من الأحاديث كحديث واسألوا له التثبيت، ووصية عمرو بن العاص وهما صحيحان سبق بيانهما قريبا، ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا في زمن مَنْ يُقتدى به وإلى الآن).
وقال الإمام النووي أيضاً في الأذكار ص162: (وأما تلقين الميت بعد الدفن فقد قال جماعة كثيرون من أصحابنا باستحبابه وممن نص على استحبابه القاضي حسين في تعليقه وصاحبه أبو سعد المتولي في كتابه التتمة والشيخ الإمام الزاهد أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي والإمام أبو القاسم الرافعي وغيرهم ونقله القاضي حسين عن الأصحاب).
وقال ابن تيمية الحنبلي في مجموع الفتاوى (24/297) وقد سئل هل يجب تلقين الميت بعد دفنه أم لا وهل القراءة تصل إلى الميت؟
فأجاب: (تلقينه بعد موته ليس واجباً بالإجماع، ولا كان من عمل المسلمين المشهور بينهم على عهد النبى - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه، بل ذلك مأثور عن طائفة من الصحابة كأبى أمامة وواثلة بن الأسقع، فمن الأئمة من رخص فيه، كالإمام أحمد، وقد استحبه طائفة من أصحابه وأصحاب الشافعى، ومن العلماء من يكرهه، لاعتقاده أنه بدعة، فالأقوال فيه ثلاثة: الاستحباب والكراهة والإباحة، وهذا أعدل الأقوال).
فانظر إلى هؤلاء الأئمة الكبار، كيف قالوا بمشروعية التلقين، وقال ابن تيمية بأن القول بإباحته هو أعدل الأقول .. ثم لك أن تعجب من وصف الشيخ عبد الله بن جبرين والشيخ صالح الفوزان لكل من قال بالتلقين بالجهل والبدعة .. اللهم عفوك
1 komentar:
Alhamdulillah
Posting Komentar